بسم الله الرحمن الرحيم
ساقدم باذن الله من الان فصاعدا قصص الانبياء و المرسلين بداية من سيدنا آدم عليه السلام و انتهاءاً بخاتم الانبياء و المرسلين , المبعوث رحمةً للعالمين سيد الانام سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.
قصة آدم عليه السلام
قال تعالى:
{قل هو نبأ عظيم* أنتم عنه معرضون* ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذا يختصمون* إن يوحي إلي إلا إنما أنا نذير مبين* إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين* قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين* قال أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين* قال رب فأنظرني إلي يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين* إلي يوم الوقت المعلوم* قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين* قال فالحق والحق أقول* لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين* قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين* إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص:67ـ88)
ومن هذه الآية تتضح قصة آدم عليه السلام ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله المستعان.
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم:
{إني جاعل في الأرض خليفة} (سورة البقرة: 30)
أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال:
{وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} (سورة الأنعام: 65)
وقال:
{ويجعلكم خلفاء الأرض} (سورة النمل: 62)
فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، قالوا:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} (سورة البقرة:30)
قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن، قاله قتادة، وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلي جزائر البحور.
وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن: ألهموا ذلك.
وقيل: لما أطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل. رواه ابن أبي حاتم، عن أبي جعفر الباقر.
{ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} (سورة البقرة:30)
أي: نحن نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلاً ولا نهاراً.
{قال إني أعلم ما لا تعلمون} (سورة البقرة: 30)
أي: أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي: سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون. ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال:
{وعلم آدم الأسماء كلها} (سورة البقرة: 31)
قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد: علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة والفسية.
وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة.
وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته.
والصحيح: أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس، رضي الله عنهما.
وذكر البخاري هاهنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الله المؤمنين يوم القيام كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلي ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، واسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء" وذكر تمام الحديث
{ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} (سورة البقرة: 31)
قال الحسن البصري: لما أراد الله خلق آدم، قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه، فابتلوا بهذا، وذلك قوله: (إن كنتم صادقين). وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير.
{قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} (سورة البقرة: 32)
أي: سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك. كما قال:
{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} (سورة البقرة: 255)
{قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} (سورة البقرة: 33)
أي: أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل: إن المراد بقوله: (أعلم ما تبدون) ما قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها) وبقوله: (وما كنتم تكتمون) المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة: (وما كنتم تكتمون) قولهم: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه. وقوله:
{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر} (سورة البقرة: 34)
هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقة بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال:
{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} (سورة الحجر: 29)
فهذه أربع تشريفات: خلقه بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له، وتعليمه أسماء الأشياء.
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقال في الآية الأخرى:
{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين* قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} (سورة الأعراف:11ـ12)
قال الحسن البصري: قاس إبليس، وهو أول من قاس.
وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس. رواهما ابن جرير.
ومعنى هذا أنه نظر بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلا للنص كان فاسد الاعتبار، ثم هو فاسد في نفسه؛ فإن الطين أنفع وخير من النار، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق.
{قل هو نبأ عظيم* أنتم عنه معرضون* ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذا يختصمون* إن يوحي إلي إلا إنما أنا نذير مبين* إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين* قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين* قال أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين* قال رب فأنظرني إلي يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين* إلي يوم الوقت المعلوم* قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين* قال فالحق والحق أقول* لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين* قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين* إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص:67ـ88)
ومن هذه الآية تتضح قصة آدم عليه السلام ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله المستعان.
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم:
{إني جاعل في الأرض خليفة} (سورة البقرة: 30)
أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال:
{وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} (سورة الأنعام: 65)
وقال:
{ويجعلكم خلفاء الأرض} (سورة النمل: 62)
فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، قالوا:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} (سورة البقرة:30)
قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن، قاله قتادة، وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلي جزائر البحور.
وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن: ألهموا ذلك.
وقيل: لما أطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل. رواه ابن أبي حاتم، عن أبي جعفر الباقر.
{ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} (سورة البقرة:30)
أي: نحن نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلاً ولا نهاراً.
{قال إني أعلم ما لا تعلمون} (سورة البقرة: 30)
أي: أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي: سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون. ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال:
{وعلم آدم الأسماء كلها} (سورة البقرة: 31)
قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد: علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة والفسية.
وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة.
وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته.
والصحيح: أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس، رضي الله عنهما.
وذكر البخاري هاهنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الله المؤمنين يوم القيام كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلي ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، واسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء" وذكر تمام الحديث
{ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} (سورة البقرة: 31)
قال الحسن البصري: لما أراد الله خلق آدم، قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه، فابتلوا بهذا، وذلك قوله: (إن كنتم صادقين). وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير.
{قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} (سورة البقرة: 32)
أي: سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك. كما قال:
{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} (سورة البقرة: 255)
{قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} (سورة البقرة: 33)
أي: أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل: إن المراد بقوله: (أعلم ما تبدون) ما قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها) وبقوله: (وما كنتم تكتمون) المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة: (وما كنتم تكتمون) قولهم: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه. وقوله:
{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر} (سورة البقرة: 34)
هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقة بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال:
{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} (سورة الحجر: 29)
فهذه أربع تشريفات: خلقه بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له، وتعليمه أسماء الأشياء.
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقال في الآية الأخرى:
{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين* قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} (سورة الأعراف:11ـ12)
قال الحسن البصري: قاس إبليس، وهو أول من قاس.
وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس. رواهما ابن جرير.
ومعنى هذا أنه نظر بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلا للنص كان فاسد الاعتبار، ثم هو فاسد في نفسه؛ فإن الطين أنفع وخير من النار، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق.
ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له، كما قال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} (سورة الحجر:28ـ35) استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراءه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين. وشرح في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئا، وكان اعتذاره أشد من ذنبه. كما قال تعالى في سورة سبحان: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } (سورة الإسراء:61ـ65) وقال في سورة الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } (سورة الكهف:50) أي: خرج عن طاعة الله عمداً وعناداً واستكباراً عن امتثال أمره، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليها، فإنه مخلوق من نار كما قال، وكما جاء في صحيح مسلم عن عائشة، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط. وقال شهر بن حوشب: كان من الجن، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليهم جنداً من الملائكة فقاتلوهم وأجلوهم إلي جزائر البحار، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلي السماء فكان هناك، فلما أمرت الملائكة بالسجود امتنع إبليس منه. وقال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيد بن المسيب وآخرون: كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا. قال ابن عباس: وكان اسمه عزازيل. وفي رواية عنه: الحارث، قال النقاش: وكنيته أبو كردوس. قال ابن عباس: وكان من حي من الملائكة يقال لهم الجن، وكانوا خزان الجنان، وكان من أشرفهم ومن أكثرهم علماً وعبادة، وكان من أولى الأجنحة الأربعة، فمسخه الله شيطاناً رجيماً. {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ نْهُمْ أَجْمَعِينَ } (سورة ص:71ـ85) وقال في الأعراف: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } (سورة الأعراف:16ـ17) أي: بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد، ولآتينهم من كل جهة منهم، فالسعيد من خالفه والشقي من اتبعه. كلما قال الإمام احمد: حدثنا بن القاسم، حدثنا أبو عقيل ـ هو عبد الله بن عقيل الثقفي ـ حدثنا موسى بن المسيب، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي فاكه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه" وذكر الحديث كما قدمناه في صفة إبليس. وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم. أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات؟ وهو قول الجمهور. أو المراد بهم ملائكة الأرض كما رواه ابن جرير عن طريق الضحاك عن ابن عباس؟ وفيه انقطاع، وفي السياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه. ولكن الأظهر من السياقات الأول، ويدل عليه الحديث: "واسجد له ملائكته" وهذا عموم أيضاً، والله أعلم. وقوله تعالى لإبليس: {فَاهْبِطْ مِنْهَا } (سورة الأعراف:13) و {اخْرُجْ مِنْهَا} (سورة الأعراف:18) دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه، فأهبط إلي الأرض مذءوماً مدحوراً. وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } (سورة البقرة:35) وقال في الأعراف: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ * وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } (سورة الأعراف:18ـ19) وقال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } (سورة طه:116ـ119) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلي الجنة، وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار، وهو ظاهر هذه الآيات. ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس، وعن مرة، وعن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا: اخرج إبليس من الجنة واسكن آدم الجنة، فكا يمشي فيها وحتى ليس فيها زوج يسكن إليها، فنام نومه فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه؛ فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: لوم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي. فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما سامها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا. ولم كانت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي. وذكر محمد بن إسحاق، عن ابن عباس؛ أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحكم.
باقى قصة سيدنا آدم فى الرد ☼♀♥○